الأحد، 16 سبتمبر 2012

(من عرف نفسه فقد عرف ربه)


يقول عز جلاله ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ )(53) فُصلت
ويقول صلوات الله وسلامه عليه (من عرف نفسه فقد عرف ربه) فليس هنا شيء اقرب اليك من نفسك
فان لم تعرف نفسك اذن فكيف تعرف ربك باكمل وجه؟ والواجب ان تعرف باطنك وظاهرك وان تعرف متطلباتهم واحتياجاتهم
وان لكل من الجسد والنفس غذاء وسعاده

علمني ان المدينة واحد وان دروبها كثيره
وها انا علمت ان النفس واحده وازقتها ضيقه ومتعرجه
وأمواج صراعها كثيره ولا تنتهي الا بانتهاء الأجل

وعلمني آخر أن
النفس كالمدينة واعضاء الجسد كضياعها وقراها, والقوة
الشهوانيه واليها والقوة الغضبية شحنتها والحواس جواسيسه
والقلب ملكها والعقل وزيرها وقوة الخيال في مقدمة الدماغ كالنقيب
يجمع عنده اخبار الجواسيس وقوة الحفظ في وسط الدماغ مثل صاحب الخريطه
يجمع الرقاع من يد النقيب ويحتفظها الى ان يعرضها على العقل
والملك يدبرهم حتى تستقر مملكته واحواله لان الوالي كذاب وفضولي
والشحنة شريره قتاله ومخربه, ولو تركهم الملك على ما هم عليه هلكت
مدينته وخربت,,,,وعليه وجب ان يشاور الملك الوزير ويجعل الوالي والشحنة
تحت يد الوزير...فإذا فعل ذلك استقرت احوال المملكه وتعمرت المدينة وتقدمت
وكذلك القلب يشاور العقل ويجعل الشهوه والغضب تحت حكمه حتى تستقر احوال
النفس ويصل الى سبب السعاده من معرفة ذاته بمعرفته لله عز جلاله ولو جعلت قلبك
تحت يد الغضب هلكت النفس وكان القلب شقيا
فالنفس خادم الحواس والحواس شبكة العقل وجواسيسه والحواس خادم العقل
وهو للقلب سراج وشمعه, ثم العقل خادم القلب
والقلب مخلوق لنظر جمال الحضرة الالهية فمن اراد معرفة ذاته ووجوده
توجه الى خالقه عز جلاله ولذة القلب هي المعرفه فاذا عرفت الوزير فرحت
وان لم تعرف فانت مفلس لان النفس كالفرس والعقل كالراكب وهما يشكلان
الفارس ومن لم يعرف نفسه وهو يدعي معرفة غيره فهو كالرجل المفلس الذي ليس له طعام لنفسه
ويدعي انه يقوت فقراء المدينة وهذا محال
وظلم الجهل لا يكشف الا بنور العقل فيقول صلوات الله وسلامه عليه
(ما من احد الا وله شيطان ولي شيطان وان الله قد اعانني على شيطاني حتى ملكته)

وهو الشفيف كضحكة مائية نبتت

  



لوصف زهر اللوز، لا موسوعة الأزهار
تسعفني، ولا القاموس يسعفني...
سيخطفني الكلام إلى أحابيل البلاغة
والبلاغة تجرح المعنى وتمدح جرحه،
كمذكر يملي على الأنثى مشاعرها
فكيف يشع زهر اللوز في لغتي أنا
وأنا الصدى؟
وهو الشفيف كضحكة مائية نبتت
على الأغصان من خفر الندى...
وهو الخفيف كجملة بيضاء موسيقية...
وهو الضعيف كلمح خاطرة
تطل على أصابعنا
ونكتبها سدى
وهو الكثيف كبيت شعر لا يدون
بالحروف
لوصف زهر اللوز تلمزني زيارات إلى
اللاوعي ترشدني إلى أسماء عاطفة
معلقة على الأشجار. ما اسمه؟
ما اسم هذا الشيء في شعرية اللاشيء؟
يلزمني اختراق الجاذبية والكلام،
لكي أحس بخفة الكلمات حين تصير
طيفا هامسا فأكونها وتكونني
شفافة بيضاء
لا وطن ولا منفى هي الكلمات،
بل ولع البياض بوصف زهر اللوز
لا ثلج ولا قطن فما هو في
تعاليه على الأشياء والأسماء
لو نجح المؤلف في كتابة مقطع ٍ
في وصف زهر اللوز، لانحسر الضباب
عن التلال، وقال شعب كامل:
هذا هوَ
هذا كلام نشيدنا الوطني

محمود درويش