السبت، 15 يونيو 2013

(بل الانسان على نفسه بصيره)




ما ذكرت لفظة الانسان الا وقرنت غالباً بصفة سلبية

والتركيز على هذه الصفات السلبية الموجودة
 في الشخصية الانسانيه كفرد


(ظلوم , جهول, كفور, عجول, كنود,هلوع,,, الخ)



فهي تخاطب الانسان الفرد, الحبيس داخل فرديته

 والذي آمن بنفسه على انهاهم شخص في حياته

 وآمن أولاً أنه انسان انسان ينادي نفسي نفسي
ولا يرى ابعد من حدود ذاته , ويقيس الامور كلها بمنظاره فقط,

مغلق بحواسه وادراكه,,,


(الم نجعل له عينين ولساناً وشفتين)

(وهديناه النجدين)

الى الخيار بين مفترقي طريق لا يمكن لانسان


 ان يدركه لو بقي حبيساً في ذاته
داخل قفص حواسه وفرديته

ذلك الادراك الذي لا يفك الا باقتحام العقبه



(فلا اقتحم العقبة)

(فك رقبة او اطعام في يوم ذي مسغبة يتيماً ذا مقربة او مسكيناً ذا متربة)

هذا هو فن اقتحام العقبة التي تحول

 بين الانسان وبين الخروج من فرديته
الانسان كفرد


(ان الانسان لظلوم كفار)

ظلوم: بوصفه فرداً لكن انفتاحه على الانتماء


 للآخر والتواصي بالحق والصبر
سيكسر هذا الظلم فيه ويوازيه نحو

 العدل بنفسه وبالآخر


(وكان الانسان عجولا)

الجماعه المؤمنه تمنحه كوابح توقف استعجاله



(وكان الانسان كفورا)
(وقليل من عبادي الشكور)



بوجوده وانتماءه للمؤمنين واتيان الفضل والرحمه 

فيما بينهم قد يصير شكورا


(وكان الانسان قتورا)

اذا اقتحم العقبة سيصير العطاء هويته وحقيقته



(ان الانسان خلق هلوعا)

بوصفه فردا سيكون ضعيفاً ركيكا خائفاً لكن

الانتماء للجماعه يحفزه ويقويه ويزيد من صلابته


(وحملها الانسان انه كان ظلوماً جهولاً)

لانه كفرد منعزل لا يرى الامور الا من زاوية جزئية ضيقة,


 ومن زاوية شخصية بحته
ولكن مع مشاركته وانفتاحه مع الاخرين

 قد يتسع ادراكه ونظرته


(كلا ان الانسان ليطغى)



لانحباسه في قمقمته وعند خروجه من عزلته

 قد يصير اكثر اعتدالاً


(ثم رددناه اسفل سافلين)

اذا اصر على ان يظل في قمة تفرده بنفسه


 ولكن عندما يصير مع الذين امنوا
يعود الى احسن تقويم



(الا الذين امنوا وعملوا الصالحات فلهم اجر غير ممنون)
(ان الانسان لفي خسر )
الا الذين آمنوا وتواصوا بالحق واتواصوا بالصبر)

شيء واحد في هذا الانسان المفرد يمكن ان يكون وسيلة
تدفعه بوصفه فرداً على الخروج من فرديته ومن قمقمته



بصيرته



حجة الله على الناس جميعاً


(بل الانسان على نفسه بصيره)

وهي بصيرة لا تكون له الا فرداً.... ولا يمكن ان تتأتى اذا
لم يكن قد أدرك فرديته... ولا تاتيك اذا كان المجتمع حولك
يقهر ادراكك ويحجزه في اطار ضيق,, اذا كان المجتمع يلغيك
ويهمشك ويلقنك فحسب ويمنع عنك ان تدرك بنفسك
فانت لن تكون عندك تلك البصيرة

فالبصيرة لا تأتي الا من ذاتك, 


وهي تنبع من داخلك ولن تنبع الا
من نفسك



 (وفي انفسكم افلا تبصرون)

وهي لا تكون بصيرة ولا تمنحك الرؤية


 ان كانت خارجه عنك وبعيده
عن ذاتك, لن تكون بصيرة ان كانت مستوردة ,


 ملقنة من قبل مجتمع
يهمش ذاتك وفرديتك

تلك هي البصيرة التي تجعلك تبصر


 وتتجاوز حدود الحواس الى الادراك
الى الرؤية الاوسع والاعمق

 الى المشاهدة وتجعلك تقتحم العقبة


(قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه

 ومن عمي فعليها وما انا عليكم بحفيظ)


(ان الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون)

(والله أخرجكم من بطون امهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والابصار والافئدة
لعلكم تشكرون)



(فاعتبروا يا أولي الأبصار)



من كتاب الفردوس المشتعار والفردوس المشتعاد

لـ د. أحمد خيري العمري




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق